عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

أوروبا تواجه خطر الانقسام في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض

  • 1/2
  • 2/2

عندما صعد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي، دونالد ترامب، إلى السلطة في عام 2016، كانت عواصم القارة الأوروبية لاتزال تعاني القرار الذي اتخذه الناخبون البريطانيون بمغادرة الاتحاد الأوروبي قبل بضعة أشهر، وكان القادة الأوروبيون يخشون أن يؤدي خروج من الاتحاد الأوروبي إلى تأثير الدومينو المتمثل في حدوث مفاجآت أخرى مماثلة. وكانت ندوب أزمة الديون الأوروبية والانقسامات المريرة بشأن الهجرة لاتزال حاضرة.

لقد أخرجت رئاسة ترامب الأوروبيين من غفلتهم، وذكّرتهم بالمغزى من اتحادهم: الديمقراطية، والتعددية، والنظام القائم على القواعد. ومع انسحاب واشنطن من الالتزام بهذه القيم في عهد ترامب، أصبحت المستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل، زعيمة للاتحاد الأوروبي بلا منازع في ذلك الوقت، ومثلت صوت العالم الحر. كان الأوروبيون يدركون أنهم لا يستطيعون تحمل الانقسام: كانت قارتهم مشتعلة بالفعل في ذلك الوقت، مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ومع صعود الشعبوية القومية. وفي مواجهة التهديدات المتصاعدة، وتخلي واشنطن عنهم، أدرك الأوروبيون أنه يتعين عليهم البقاء متحدين.

والسؤال الذي ظل يطارد أوروبا اليوم، هو ما إذا كانت ستتوحد القارة مرة أخرى إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض؟ وبطبيعة الحال، فإن ترامب ليس السبب الوحيد الذي يجعل أوروبا ليست موحدة. إن أوروبا وجوارها يشهدان اشتعالاً اليوم أكثر مما كانت عليه الحال في 2016. وأصبحت أوروبا نفسها في حالة حرب، حيث صرح المسؤولون الروس صراحة بأن شهيتهم الإمبريالية لن تُرضى بإخضاع أوكرانيا. وإلى الجنوب الشرقي من أوروبا، تتأرجح الحرب بين إسرائيل وحماس، وتؤذن بصراع أوسع نطاقاً. وفي منطقة الساحل الشاسعة في إفريقيا، تعرضت القوى الأوروبية والولايات المتحدة للطرد مع تعزيز روسيا قبضتها، مع كل الخيارات التي تتيح للكرملين التأثير في أوروبا، خاصة من خلال استخدام الهجرة كسلاح.

وبالتحول نحو الشرق، تشعر أوروبا بأن ستصبح صاحبة مصلحة مسؤولة في النظام الليبرالي. وخلافاً لما حدث في عام 2016، فإن الاتحاد الأوروبي لم يعد يصد تأكيدات الرئيس الصيني شي جينبينغ بدعم التعددية. وأكدت زيارة شي إلى فرنسا وصربيا والمجر في مايو الماضي، أن تكتيكات «فرّقْ تَسُد» الصينية أصبحت صارخة بالقدر الكافي، ولم يعد يراها الأوروبيون على أنها ضرب من السذاجة. ونظراً لكل التهديدات التي تواجه أوروبا، فإن التأثير الموحد الذي أحدثه ترامب في الاتحاد الأوروبي في عام 2016 ينبغي أن يكون أثره أقوى بشكل كبير في الوقت الراهن.

اليوم نجد أن الديمقراطيات في أوروبا واقعة في قبضة تشنجات سياسية مماثلة لما حدث في الولايات المتحدة، مع صعود القومية اليمينية. لقد أدى التضخم المرتفع والنمو الاقتصادي غير الكافي إلى هبوب الرياح في أشرعة اليمين المتشدد مرة أخرى. علاوة على ذلك، غيّر القوميون الأوروبيون مسارهم، فلم يعودوا يسعون إلى محاكاة خروج بريطانيا الكارثي، بل يسعون إلى تفريغ الاتحاد الأوروبي من الداخل. ونراهم يهيمنون على السياسة ليس فقط في عدد صغير من بلدان أوروبا الشرقية، مثل المجر وسلوفاكيا، بل وصلوا إلى السلطة في إيطاليا وهولندا، وربما يفوزون في النمسا في وقت لاحق من هذا العام. وأصبحوا ينسقون على نحو متزايد في بروكسل، ويؤكدون ثقلهم الجماعي في شؤون الاتحاد الأوروبي، ويحاولون دق إسفين بين الغالبية العريضة من المحافظين، والاشتراكيين، والليبراليين، والخضر الذين قادوا الوحدة والتكامل الأوروبي لعقود من الزمن.

وسيأتي ترامب إلى السلطة في الوقت الذي أصبح فيه المشهد في أوروبا مشحوناً ومنقسماً أكثر من قبل. وهذه المرة، تحكم أوروبا مجموعة كبرى من الحكومات الأوروبية التي تتفق مع ترامب، وتتفق مع استخفافه بالاتحاد الأوروبي. وسيحظى ترامب بالفرصة نفسها التي يتمتع بها شي جينبينغ لممارسة سياسة فرّق تسد مع أوروبا.

وتمتد هذه التصدعات إلى مجالات واسعة من السياسة الأوروبية. ومع ممارسة القوميين قوتهم المتنامية، وربما التحالف مع ترامب، سيكون من الصعب على أعضاء الاتحاد الأوروبي الاتفاق على خطوات طموحة إلى الأمام في مجالات الدفاع، والمناخ، والطاقة، والتكنولوجيا، وتوسيع الاتحاد الأوروبي، مع أن الحرب في أوكرانيا وغيرها من الأزمات تجعل هذه التحديات أمراً لا مفر منه.

توقع جان مونيه، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، أن يتطور اتحاد القارة من خلال الأزمات. ولكن ربما تكون ولاية ترامب التالية، إلى جانب التآكل الحقيقي للروابط عبر الأطلسي، في وقت يتسم بالتهديدات المتزايدة لأوروبا، هي الأزمة التي تقصم ظهر الاتحاد الأوروبي.

. عن «فورين بوليسي»

. ترامب ليس السبب الوحيد الذي يجعل أوروبا ليست موحدة. إن أوروبا وجوارها يشهدان اشتعالاً اليوم أكثر مما كانت عليه الحال في 2016. وأصبحت أوروبا نفسها في حالة حرب.

. ربما تكون ولاية ترامب التالية، إلى جانب التآكل الحقيقي للروابط عبر الأطلسي في وقت يتسم بالتهديدات المتزايدة لأوروبا، هي الأزمة التي تقصم ظهر الاتحاد الأوروبي.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا