عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

تسعى إلى «بداية جديدة» وشراكة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي

  • 1/2
  • 2/2

كان أسبوعاً جيداً بالنسبة لأوروبا، كما أنه كان سيئاً في آن واحد. لقد كان جيداً لأن هي الآن قوية ومستقرة وحكومتها وسطية، وحريصة على إعادة ضبط علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، كما أن الناخبين في فرنسا يحتشدون من أجل إبعاد التجمع اليميني المتطرف عن السلطة. وسيّئ لأن فرنسا تبدو مستعدة لفترة من الحكومة الضعيفة وغير المستقرة والمنقسمة التي ستعيق الاتحاد الأوروبي بأكمله، في عام حاسم لقارة أوروبا، مع استمرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حرب أوكرانيا، ومن المرجح أن يصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة مرة أخرى.

ولنبدأ بالأخبار الجيدة، قبل الخوض في تلك المثيرة للكآبة، فبريطانيا لديها حكومة واقعية تستطيع تحمل المسؤولية وواقعية من يسار الوسط، تم انتخابها لمدة خمس سنوات مقبلة. ويقودها محامٍ سابق في حقوق الإنسان مصمم على الدفاع عن حكم القانون في الوطن وعلى المستوى الدولي، وهي تتبنى مزيجاً حكيماً من اقتصاد السوق، والتدخل الحكومي، والعدالة الاجتماعية؛ وتدعم أوكرانيا بقوة وتلتزم بالسعي إلى إقامة علاقات طيبة مع البلدان الأوروبية الأخرى. والواقع أن هذه الحكومة أكثر توافقاً مع القيم المعلنة في المادة الثانية من معاهدة الاتحاد الأوروبي، من حكومة دولة المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، التي كان رئيس وزرائها القومي المناهض لليبرالية فيكتور أوربان يجلس مع بوتين في موسكو لمعرفة كيف يمكنهما إرغام أوكرانيا على الاستسلام باسم «السلام»، ولكن المشكلة تكمن في أن بريطانيا لم تعد عضواً في المجتمع السياسي الأساسي والاقتصادي لأوروبا.

مسابقة الجري لـ100 متر

وقام الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وكأنه يقوم بتدريب من أجل مسابقة الجري لـ100 متر في أولمبياد باريس، بزيارة لنظرائه في ألمانيا وبولندا والسويد، خلال الأيام الأولى لوجوده في منصبه، وخلال الوقت ذاته سارع وزير الدفاع الجديد جون هيلي إلى مدينة أوديسا لإجراء محادثات مع نظيره الأوكراني، وكان لامي حازماً وبليغاً في الدعوة إلى «إعادة ضبط» و«بداية جديدة» و«شراكة وثيقة» مع الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الفردية.

وتقترح بريطانيا إنشاء اتفاق أمني بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث تعاون أوثق في العديد من المجالات، وتم التعبير عن الكثير من حسن النية في برلين وباريس ووارسو وعواصم أوروبية أخرى، ولكن حقيقة أن المملكة المتحدة هي مؤسسياً مجرد «دولة ثالثة» أخرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي تعني أن عملية التفاوض على هذه العلاقة الجديدة الأقرب ستكون معقدة، مع العديد من إمكانات التعطيل أو النقض للاعبين الوطنيين والحزبيين والبيروقراطيين المختلفين داخل الاتحاد الأوروبي.

وعلاوة على ذلك، فإن الخطوط الحمراء التي أعلنها رئيس الحكومة العمالي البريطاني كير ستارمر، من أجل استعادة الناخبين المؤيدين «للبريكست» إلى حزب العمال، وعدم العودة إلى الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، أو السوق الموحدة، أو حرية التنقل، يمكن أن تقيد وبشكل خطير، ما يمكن القيام به على الجبهة الاقتصادية.

البديل من أجل بريطانيا

ولا تختلف السياسة البريطانية عن سياسة القارة الأوروبية كما يبدو الأمر للوهلة الأولى، وكان أحد الأسباب الرئيسة وراء حجم انتصار حزب العمال أن أصوات اليمين كانت منقسمة بين المحافظين وحزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج، وهو المعادل البريطاني لحزب اليمين المتطرف الذي تقوده مارين لوبان، أو حزب «البديل من أجل ألمانيا» في ألمانيا، أو حزب «إخوة إيطاليا» في إيطاليا، والذي يوجه المخاوف الاقتصادية والثقافية الشعبية الواسعة النطاق إلى كبش فداء للهجرة.

وحصل حزب «إخوة إنجلترا» بزعامة فاراج، أو إذا شئت، حزب «البديل من أجل بريطانيا»، على نحو 14% من الأصوات الشعبية، مقارنة بنحو 24% للمحافظين، ومن المؤكد أن المشاعر القومية الشعبوية على جانبي القناة ستقيد وتعقد عملية إعادة ضبط العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين تزداد قوة اليمين المتشدد على الجانبين.

ومع ذلك، فإن الأخبار القادمة من لندن أكثر تشجيعاً من تلك القادمة من باريس، وتنهد الشعب الفرنسي بارتياح كبير عندما علم أن حزب الجبهة الوطنية لن يكون سوى ثالث أكبر مجموعة في الجمعية الوطنية، المجلس الأدنى للبرلمان الفرنسي، ولكن هذا هو المكان الذي تنتهي فيه الأخبار الجيدة، وإذا كان الشعب البريطاني صوت لرفض حزب المحافظين ومنح تفويضه للعمال، فإن الفرنسيين صوتوا لمصلحة إبقاء حزب الجبهة الوطنية خارج البرلمان وليس لإدخال أي شخص بعينه.

وكانت النتيجة انقسام البرلمان بين المجموعات الرئيسة الثلاث: وهي الجبهة الشعبية الجديدة التي تم تشكيلها على عجل، وهي ائتلاف يساري فضفاض من أربعة أحزاب مختلفة للغاية، بما في ذلك فرنسا المتمردة المتشككة في أوروبا والشعبوية؛ وحزب ماكرون الوسطي، وهو ليس حزباً في الحقيقة، بل مجرد مجموعة؛ والحزب الوطني، وهو حزب منضبط للغاية.

حكومة قوية وموقف ضعيف

ولا يتمتع أي حزب بالأغلبية بمفرده، ومن المرجح أن تكون جميع الخيارات التي تتم مناقشتها لتشكيل الحكومة غير مستقرة ومتفرقة، فالبلاد تعاني ديناً وطنياً مرتفعاً وعجزاً كبيراً في الميزانية، وقد تؤدي خطط الإنفاق التوسعية من الجبهة الشعبية الجديدة إلى إثارة غضب أسواق السندات وإزعاج منطقة اليورو، ووفقاً للدستور، لا يُسمح للرئيس بالدعوة إلى انتخابات جديدة لمدة عام آخر، أما على صعيد المعارضة، فقد يكتسب حزب الجبهة الوطنية المزيد من الدعم، استعداداً لترشح لوبان أو جوردان بارديلا للرئاسة في عام 2027.

وباختصار، على الرغم من أن بريطانيا تتمتع بحكومة قوية إلا أن موقفها ضعيف في أوروبا، ولكن فرنسا ستتمتع بموقف قوي في أوروبا، ولكن حكومة ضعيفة.

وتناقصت سلطة ونفوذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حد كبير، ويرجع ذلك إلى الأخطاء التي ارتكبها، ويبدو أن رئيس الحكومة البريطانية السابق ريشي سوناك أخطأ عندما دعا إلى انتخابات مبكرة، ولكنه كان مضطراً إلى الدعوة إلى انتخابات بحلول نهاية العام على أي حال، وكانت الأخطاء التي ارتكبها المحافظون، بعد 14 عاماً في السلطة ألحقوا خلالها الكثير من الضرر بهذا البلد، وعلى النقيض من ذلك، كان لدى ماكرون أغلبية نسبية، وإن لم تكن مطلقة لمجموعته الوسطية في برلمان تم انتخابه حتى عام 2027، وهو العام الذي تنتهي فيه ولايته الرئاسية.

وبالنسبة لعموم أوروبا، فإن الكارثة تكمن في أن ماكرون كان المدافع الأقوى عما يحتاج إليه الأوروبيون في عالم يعاني التمزق بين الدول العظمى، ويتمثل في الوحدة والتماسك والتلاحم وجمع المزيد من القوة، أو كما قال ماكرون «أوروبا القوية»، ولهذا أصبح أخيراً الصوت الأكثر قوة في أوروبا الغربية لمصلحة دعم أوكرانيا، التي بات مصيرها معلقاً في الميزان. عن «الغارديان»

• أحد الأسباب الرئيسة وراء حجم انتصار حزب العمال تمثل في أن أصوات اليمين كانت منقسمة بين المحافظين وحزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج، وهو المعادل البريطاني لحزب اليمين المتطرف الفرنسي.

• تنفس الشعب الفرنسي بارتياح كبير، عندما علم أن حزب الجبهة الوطنية لن يكون سوى ثالث أكبر مجموعة في الجمعية الوطنية، المجلس الأدنى للبرلمان الفرنسي.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا