عرب وعالم / الامارات / الامارات اليوم

منغوليا تنجح في إنقاذ خيولها البرية من الانقراض

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

يشير مدير حديقة «هاستاي» الوطنية في منغوليا، داشبوريف تسيرينديليج، وهو مُنحنٍ في مواجهة برودة الشتاء المبكرة، إلى الخيول التي ترعى على منحدر جبلي قريب، بينما يراقب حشد صغير من الطلاب والسياح الخيول من خلال المناظير ويلتقطون صوراً لها عبر هواتفهم المحمولة.

وتبدو هذه الخيول بأجسامها الممتلئة، وأعناقها الغليظة، مهوراً أكثر من كونها خيولاً، حيث تُعرف هذه الخيول لدى شعب منغوليا باسم «تاكي»، وبالنسبة لبقية العالم باسم «خيول برزيوالسكي»، وتعد من السلالات المهددة بالانقراض، لكن منغوليا نجحت في إنقاذها عبر أنجح مخططات إعادة إدخال الحياة البرية على الإطلاق.

وقال داشبوريف: «تعد الخيول شيئاً أساسياً بالنسبة لثقافتنا، والجميع سعداء بعودتها»، وبعد تعرض الكثير من تلك الخيول للانقراض في ستينات القرن الماضي، يوجد اليوم ما يقرب من 1000 حصان من «خيول برزيوالسكي» في ثلاثة مواقع بمنغوليا، مع المزيد منها في وكازاخستان.

ويوجد أكبر عدد من «خيول برزيوالسكي»، البالغ 423 حصاناً، في متنزه هاستاي الوطني وسط منغوليا، وهي من نسل 84 حيواناً تم نقلها جواً من حدائق الحيوان الأوروبية في تسعينات القرن العشرين.

وتجذب تلك الخيول عشرات الآلاف من السياح كل عام إلى هذه البقعة الصغيرة من السهول البكر على بعد 100 كيلومتر فقط من العاصمة المنغولية أولان باتور.

تناقض

وأضاف داشبوريف: «قبل إعادة استنسالها لم يكن أحد يعتقد أننا نستطيع إنقاذ هذا النوع من الخيول، ومنذ ذلك الحين خفّض الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة حالة الخطر لحصان (برزيوالسكي) مرتين.. إنه أعظم إنجازاتنا».

ويتناقض هذا النجاح بشكل صارخ مع أجزاء أخرى من منغوليا، حيث تعرضت الحياة البرية للدمار خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب مزيج من الصيد وأزمة المناخ والرعي الجائر، مع تحول مساحات شاسعة من المراعي إلى أراضٍ قاحلة بسبب التصحر.

وقال الممثل المحلي لجمعية علم الحيوان في لندن، تونغا أولامبايار: «الحياة البرية بمنغوليا في أزمة.. إنها في خطر حقيقي من الانقراض»، متسائلاً: بعد نجاح منغوليا في انتشال خيولها البرية من الانقراض، فهل يمكنها إنقاذ بقية الحياة البرية؟

بداية الأزمة

بدأت تلك الأزمة في تسعينات القرن الماضي، وانفتاح منغوليا، ما أدى إلى فوضى اقتصادية وارتفاع معدل البطالة. وقال عالم الأحياء البرية الأميركي، كيرك أولسون، الذي أمضى نحو عقدين في منغوليا: «عملياً انهارت منغوليا في ذلك الوقت، لقد كانت في حالة من الفوضى، ولم يتبق من الموارد سوى الطبيعية، لذا كان الجميع يصطادون من أجل البقاء»، مضيفاً: «كنت ترى عربات محملة بجلود الحيوانات وقرون الغزلان، وأجزاء من الذئاب في السوق، حيث كان الجميع يبحثون عن أي شيء له أربع أرجل».

وانخفضت أعداد الغزلان الحمراء من 130 ألفاً في عام 1986 إلى 8000 فقط بحلول عام 2004، في حين هبطت أعداد حيوان المرموط الذي يتبع فصيلة السناجب من 40 مليوناً إلى خمسة ملايين في عام 2002، وفقاً لأولسون.

وأوضح أنه في الفترة ما بين عامي 1999 و2004، تراجعت أعداد السايغا، وهو نوع من الظباء ذات الأنف المنتفخ، بنسبة 85%، كما هبطت أعداد الأرغالي، وهي نوع من الأغنام الجبلية البرية ذات القرون الحلزونية، بنسبة 75% بين عامي 1975 و2001.

وأشار إلى أنه في الوقت ذاته ارتفعت أعداد الماشية بشكل كبير، حيث يبلغ تعداد القطيع الوطني هذه الأيام 71 مليون رأس، وفقاً للحكومة، وهو ما يفوق كثيراً القدرة الاستيعابية لمراعي منغوليا، التي تدهورت 70% منها.

انقراض النباتات

ونقل أولسون عن متحدث باسم وزارة البيئة المنغولية، أن هذا الإفراط في الرعي قد يؤدي إلى «الانقراض النهائي للنباتات الطبيعية».

وقال أولسون: «عندما تتجول في أنحاء منغوليا، تفكر أنه لم يعد هناك شيء من الحيوانات البرية، لكن في الوقت ذاته هناك الكثير من الحيوانات الأليفة، وهذا يعني أن العشب أصبح قليلاً للحياة البرية، باستثناء بعض المنحدرات الصخرية التي لا تستطيع الماشية الوصول إليها، وقامت الحيوانات الأليفة برعي كل شيء آخر يمكن أكله حتى التراب». وحتى في المناطق المحمية مثل متنزه هاستاي، تتسبب الماشية في صعوبات، إذ يمكن رؤية قطيع من 50 حصاناً أليفاً يرعى على مسافة تقل عن 200 متر من مجموعة من ثمانية خيول برية من سلالة «برزيوالسكي» في فترة ما بعد الظهيرة. وقال أحد حراس هاستاي واسمه باتمونخ تسيرينوروف: «يطلق السكان كل شتاء ما بين 4000 و5000 حصان أليف في المنطقة المحمية».

مزيد من الضغوط

وتفرض حالة التغير المناخي مزيداً من الضغوط على الحياة البرية في منغوليا، حيث ترتفع في السهوب المنغولية ثلاث مرات أسرع من المتوسط العالمي، ما يجلب المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات المفاجئة والشتاء القاسي الذي يقضي على أعداد كبيرة من الحيوانات الأليفة والبرية.

وينطوي ذلك على تأثيرات شديدة، خصوصاً على الأنواع التي تبقى في مكان واحد، مثل حيوان المرموط.

وفي الوقت ذاته يتم قطع طرق الهجرة للأنواع المتنقلة مثل الغزلان والظباء بسبب الطرق والسكك الحديدية الجديدة، التي تم بناؤها لخدمة مناجم النحاس والفحم الشاسعة التي ظهرت في صحراء جوبي الجنوبية على مدى العقدين الماضيين.

وأطلقت الحكومة العديد من المبادرات في مواجهة هذه الأزمة للحفاظ على المحميات البرية وتجديدها. وتعهدت منغوليا في عام 1998 بحماية 30% من أراضيها بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي تبنته 100 دولة أخرى في عام 2021، لكن حتى الآن بلغت 21%. وفي العام الماضي أطلقت منغوليا حملة لزراعة مليار شجرة بحلول عام 2030، وحققت الغرامات الصارمة نجاحاً في الحد من الصيد غير القانوني، غير أنه مع ذلك فإن هذه الجهود مقيدة بسبب نقص التمويل. عن «الغارديان»


حديقة هاستاي.. مؤسسة مستقلة

حديقة هاستاي تعد نموذجاً للحفاظ على البيئة. من المصدر

ذكرت وزارة البيئة المنغولية أنه وفقاً لخطة السياسة طويلة الأجل في البلاد، سيتم الحفاظ على العادات والتقاليد الوطنية لحماية الطبيعة، مؤكدة أن التنمية الاقتصادية والصناعية ستكون صديقة للبيئة، وأن مشاريع البنية التحتية الجديدة تخضع لتقييمات الأثر البيئي.

وأشارت إلى أنه تم فرض ضريبة على الماشية في عام 2020 لتقليل العدد الإجمالي للحيوانات الأليفة.

وقال عالم الأحياء البرية الأميركي، كيرك أولسون، الذي أمضى نحو عقدين في منغوليا: «يجب أن تطبق الحماية القانونية على المزيد من المناطق في منغوليا، كما يجب أن يكون هناك نهج أكثر تكاملاً لا يركز فقط على المناطق المحمية، بل على النظام البيئي بأكمله»، مؤكداً أن الأماكن خارج المناطق المحمية هي الأخرى مهمة جداً للحياة البرية.

وتعد حديقة هاستاي الوطنية نموذجاً للحفاظ على البيئة، فإلى جانب «خيول برزيوالسكي»، لديها أعداد متزايدة من حيوان المرموط والغزلان.

وذكر عالم الحياة البرية، دروج يوسوكجارغال، أن هناك عدداً من العوامل التي كانت وراء نجاح إعادة استنسال تلك الخيول، منها الشراكات الدولية طويلة الأجل، وعقود من البحث العلمي والحراس الذين يجمعون البيانات إلى جانب إخلاء الماشية.

وقال إن برنامج إعادة استنسال «خيول برزيوالسكي»، استغرق عقوداً من التحضيرات التي بدأت عام 1974 بجهود لرسم خريطة جينات آخر الحيوانات الباقية على قيد الحياة في السلالة نفسها، واختيار الخيول الأكثر قوة وتنوعاً وراثياً.

وأشار إلى أنه تم تقديم تعويضات للرعاة الذين فقدوا حق الوصول إلى الرعي في المنطقة التي أصبحت حديقة وطنية، بأموال قدمتها الحكومة الهولندية.

وتدير حديقة هاستاي الوطنية مؤسسة مستقلة، وليس الحكومة، وهي حرة في جمع أموالها الخاصة، حيث تفعل ذلك من خلال إدارة معسكر صغير للسياح الذين يأتون لرؤية الخيول، وفرض رسوم دخول.


الأراضي المحمية

أظهرت دراسة حديثة أن منغوليا تمتلك أقل عدد من الحراس لكل كيلومتر مربع من الأراضي المحمية مقارنة بأي دولة في آسيا.

ونتيجة لهذا أصبحت بعض مناطق المحميات «متنزهات ورقية»، كما وصفها العالم في جمعية الحفاظ على الحياة البرية، بوفيباتار بايرباتار، بينما قال متحدث باسم الحكومة، إن «الحكومة تدعم سياسة تحديث وتحسين المعدات اللازمة لعمل حراس الغابات»، مشيراً إلى أنه لا يوجد في منغوليا قانون ينظم استخدام أراضيها الرعوية.

وقال بوفيباتار إن «تقديم هذا التشريع سيكون صعباً، لكنه الإجراء الأكثر أهمية المطلوب لخفض عدد الماشية ومعالجة الرعي الجائر». وأضاف: «تريد الحكومة تنمية الاقتصاد، وهذا هو الشيء الأساسي بالنسبة لهم، لذلك فهم يبذلون الكثير من الجهد في التوسع بالزراعة والتعدين، ولهذا فإن الحياة البرية ليست أولوية».

نجاح منغوليا في إنقاذ خيولها يتناقض مع تدهور الحياة البرية وتحول مساحات شاسعة من المراعي إلى أراضٍ قاحلة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا