في خطوة قد تعيد تشكيل ملامح التجارة العالمية، يعكف مساعدو الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على وضع خطط لفرض رسوم جمركية "عالمية"، لكنها ستقتصر على الواردات الحرجة فقط. وهذه الخطط، التي تمثل تحولاً كبيراً عن وعود ترامب الانتخابية بفرض رسوم جمركية شاملة، قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في الاقتصاد العالمي وتأثيرات كبيرة على المستهلكين والشركات الأمريكية.

وبدلاً من فرض رسوم جمركية بنسبة 10% إلى 20% على جميع الواردات، كما وعد ترامب خلال حملته الانتخابية، تركز المناقشات الحالية على تطبيق هذه الرسوم فقط على السلع، التي تُعتبر حيوية للأمن القومي أو الاقتصادي.

ويأتي هذا التحول بعد تحذيرات اقتصادية من أن الرسوم الشاملة قد تسبب صدمات في الأسعار وتؤثر سلباً على المستهلكين الأمريكيين، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وتشمل القطاعات التي يتم النظر في فرض الرسوم الجمركية عليها: سلسلة توريد الصناعات الدفاعية، مثل الصلب والحديد والألمنيوم والنحاس، بالإضافة إلى الإمدادات الطبية الحرجة كالمحاقن والإبر والمواد الصيدلانية. كما تُدرس إمكانية فرض رسوم على منتجات الطاقة، بما في ذلك البطاريات والمعادن الأرضية النادرة والألواح الشمسية.

وحتى مع تقليص نطاق الرسوم الجمركية، فإن هذه الخطط قد تثير ردود فعل عالمية قوية. يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للشركات الأمريكية التي تعتمد على الواردات الوسيطة، مما قد يدفع الأسعار نحو الارتفاع. كما أن هذه الإجراءات قد تدفع الدول الأخرى إلى فرض رسوم انتقامية، مما يعقد المشهد التجاري العالمي.

ويواجه ترامب تحديات سياسية داخلية، حيث قد ينتقد بعض الجمهوريين في الكونغرس هذه الخطط؛ بسبب مخاوف من تأثيرها على الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، يرى فريق ترامب أن هذه الإجراءات ضرورية لإعادة تصنيع الوظائف إلى الولايات المتحدة وحماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية.

وخلال فترته الأولى، فرض ترامب رسوماً جمركية على أكثر من 360 مليار دولار من السلع الصينية، مما أدى إلى زيادة الواردات من دول مثل فيتنام كمحاولة لتجنب هذه الرسوم، كما أعرب مستشارو ترامب عن مخاوفهم من استخدام الصين للمكسيك كبوابة خلفية للأسواق الأمريكية، خاصة مع ارتفاع واردات الصلب المكسيكي إلى الولايات المتحدة بنسبة 500% فوق مستواها التاريخي.

وفي ظل التغيرات المتسارعة في المشهد التجاري العالمي، تظل خطط ترامب الجمركية قيد التطوير وقد تخضع لتعديلات قبل تنفيذها، ومع ذلك، فإن مجرد الحديث عن هذه الخطط يعكس توجهاً جديداً في السياسة التجارية الأمريكية قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي. فهل ستنجح هذه الخطط في تحقيق أهدافها، أم أنها ستزيد من تعقيدات التجارة الدولية؟