يحتوي الجسم على العديد من الأنظمة التي تمنع حبس النفس لفترة طويلة، كل منها يتولى المهمة إذا فشل الآخر.
من المستحيل حبس الانفاس حتى الاختناق، أو حتى فقدان الوعي. لكن ما الذي يحدث في الجسم لمنع حدوث ذلك؟ لماذا لا يمكن الاختناق بحبس الأنفاس؟
تعمل العديد من مناطق الدماغ على مواصلة التنفس. العامل الأول هو القشرة الحركية، وهي تشعر بعدم التنفس فترسل إشارات إلى مركز التنفس، في جذع الدماغ، الذي يتحكم في العضلات التي تساعد على التنفس، مثل الحجاب الحاجز، العضلة الرئيسية المسؤولة عن امتلاء الرئتين وتفريغها، والعضلات الوربية، التي تقع بين الأضلاع وتساعد على توسيع الصدر مع كل نفس.
العامل الثاني هو شبكة أسفل جذع الدماغ تسمى مجمع ما قبل بوتزينجر، التي تعمل ضابطًا لإيقاع التنفس في الجسم.
هذا مستمر، حتى عند حبس النفس. إنه يشبه معدل ضربات القلب. أي أنه حتى عند عدم التنفس، فإن منظم التنفس هذا ما زال يعمل، محاولًا استرجاع عملية التنفس.
تتعقب مجموعات من الخلايا -تُسمى المستقبلات الكيميائية- مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم.
لهذه الخلايا مجموعتان: المستقبلات الكيميائية المركزية والمنعكس الكيميائي المحيطي.
تستجيب المستقبلات الكيميائية المركزية الموجودة في الدماغ أساسًا لثاني أكسيد الكربون. يقع المنعكس الكيميائي الطرفي في الرقبة، بالقرب من الحنجرة ويستجيب لكل من ثاني أكسيد الكربون ومستويات الأكسجين المنخفضة عندما استمرار حبس النفس فترة طويلة.
أخيرًا، تكتشف مستقبلات في الرئتين التمدد الذي يحدث عندما تنتفخ وتنكمش. عندما تتوقف عن التمدد، ينطلق (جرس إنذار) في الرنين.
عندما يكتشف أي من هذه الأنظمة وجود خطأ، يرسل إشارات إجهاد إلى مركز التنفس في الدماغ، الذي يفعل كل ما في وسعه لاستعادة عملية التنفس.
في الدراسات، وجد الباحثون طرقًا لتعطيل بعض هذه الأنظمة لمعرفة مدى تأثيرها في الوقت الذي يستطيع المشاركون فيه حبس أنفاسهم. في إحدى الدراسات، لم يتمكن متلقو زراعة القلب والرئة -الذين لم تكن مستقبلات الرئة لديهم متصلة بالكامل بالجهاز العصبي المركزي- من حبس أنفاسهم فترةً أطول من المشاركين العاديين، ما يدل على أن مستقبلات التمدد في الرئتين ليست ضرورية تمامًا للحفاظ على التنفس.
يبدو أن للمستقبلات الكيميائية دور أكبر. في دراسة مختلفة، استخدم باين وفريقه الدوبامين لتثبيط الجسم السباتي، وهو جزء من المنعكس الكيميائي المحيطي.
إذا حدث ذلك مع الأشخاص العاديين الذين يحبسون أنفاسهم، سيستطيعون إطالة وقت حبس النفس.
يختلف الأمر في حالة الغواصين المحترفين. بالتدريب، يمكنهم حبس أنفاسهم فترةً أطول بكثير من الأشخاص العاديين. الرقم القياسي لحبس النفس في حالة السكون هو أقل من 12 دقيقة. في حالة الغواصين، فإن تثبيط الجسم السباتي غير مؤثر كثيرًا. في الواقع، لا يؤدي هذا إلى إطالة مدة حبس أنفاسهم، لأن الآليات التي تحدد متى ينتهي الحبس منفصلة تمامًا عن حبس أنفاس لدى غير المحترفين.
يثبت الغواصون المحترفون أنه مع التدريب الكافي، يمكن بالفعل حبس الأنفاس حتى فقدان الوعي.
إذ تدربوا على تجاوز الإشارات التي ترسلها المستقبلات الكيميائية لديهم، وخفض مستويات الأكسجين إلى مستويات أقل بكثير من الشخص غير المدرب، إذ يتنفسون فقط عندما يشعرون أنهم على وشك فقدان الوعي.
إنها تلك الدرجة الحرجة من نقص الأكسجين التي يجب أن يشعر بها الشخص، ثم يبدأ التنفس مرة أخرى.
من التدخلات التي لها تأثير كبير في وقت حبس النفس لدى الأشخاص غير المدربين هو شلل الحجاب الحاجز، العضلة التي تجلب الهواء إلى الرئتين وتخرجه منها. في سبعينيات القرن العشرين، حقن العلماء مخدرًا في الأعصاب الحجابية، التي ترسل إشارات من القشرة الحركية إلى الحجاب الحاجز، وجدوا أن ذلك ضاعف الوقت الذي يمكن للمشاركين حبس أنفاسهم فيه. لكنه لم يسمح لهم بحبس أنفاسهم حتى فقدان الوعي، ما يوضح أهمية التدريب.
توجد طريقة واحدة لكل من الأشخاص المدربين وغير المدربين لتمديد وقت حبس أنفاسهم: إدخال المزيد من الأكسجين إلى أنظمتهم، إما بالتنفس طبيعيًا أو استنشاق الأكسجين النقي.
يُستخدم هذا أحيانًا في الفحوصات الطبية إذ يحتاج المرضى إلى البقاء ساكنين فترات طويلة من الزمن.
سُجل الرقم القياسي العالمي لحبس النفس في موسوعة غينيس. عام 2021، حبس بوديمير شوبات، الغواص الحر الكرواتي، أنفاسه مدة 24 دقيقة و37 ثانية.
يمكن أن تعطيهم أكسجين بنسبة 100%، ثم يمكنهم حبس أنفاسهم مدة تصل إلى خمس دقائق في بعض الحالات.
الأكسجين الإضافي (يخبر) المستقبلات الكيميائية المحيطية أن كل شيء على ما يرام.
حتى إن كانت معطلة، فإن الجسم لديه ما يكفي من وسائل الأمان للحفاظ على عملية التنفس قبل فقدان الوعي.
هذا منطقي من منظور تطوري، التنفس مهم للغاية. من المنطقي أن يوجد تكرار في الأنظمة لإخبار الجسم بمواصلة التنفس.
اقرأ أيضًا:
انقطاع التنفس في أثناء النوم: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
تسرع التنفس: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
الفشل التنفسي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: علاء الشحت
تدقيق: أكرم محيي الدين
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.