عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

"حان الوقت لطي الصفحة".. كيف يعمل التحول الذي تشهده أمريكا لصالح "هاريس"؟

تم النشر في: 

14 سبتمبر 2024, 2:06 مساءً

تتغير الثقافة الأمريكية بسرعة مذهلة؛ ففي كل عقد تقريبًا، تحدث تحولات في القيم والأزياء والمعايير في جو الحياة الوطنية بأكملها. وأحيانًا عندما تشاهد حملة رئاسية، من الأفضل أن تسأل: ما هي السنة؟ ما هي القيم والمزاج السائد في أمريكا الآن؟ أي مرشح يبدو مناسبًا لهذه اللحظة، وأي مرشح ببساطة لا يواكب روح العصر؟ في الوقت الحالي، يرى الكتاب بصحيفة "نيويورك تايمز" ديفيد بروكس، أن كامالا هاريس تستفيد من بداية تحول ثقافي، وقد بدأت الرياح الثقافية تهب في صالحها؛ فيما بدأ دونالد ترامب يتلقى صفعة من تلك الرياح.

ظهر "ترامب" في السبعينيات والثمانينيات، وكان ذلك في نهاية ثقافة النرجسية، أو ما أطلق عليه توم وولف اسم عقد "أنا"، وكان عصر الذات غير المقيدة- تقدير الذات، والتعبير عن الذات، والترويج للذات.

في الثمانينيات، خاصة في مانهاتن، كان هناك افتتان صريح بالثروة، وعرض الذات، والأنا، وأنماط حياة الأثرياء والمشاهير، وكان "ترامب" تجسيدًا كاريكاتوريًّا لكل مبالغات ذلك العقد.. تم افتتاح ترامب على الجادة الخامسة للجمهور في 14 فبراير 1983، بكل ما فيه من زخارف وبريق، وصدر كتابه " الصفقة" في عام 1987، مع صياحه حول المال. في تلك اللحظة الثقافية، جعلت النرجسية المطلية بالذهب من "ترامب" شخصية مشهورة.

وجود بالخلفية

وجاءت التسعينيات، عقد نهاية التاريخ- نهاية الحرب الباردة، ونهاية الفصل العنصري. في هذا العقد من الأحداث الكبرى والصراعات المنخفضة، كان "ترامب" خارج الخط. كان هناك، ولكن في الخلفية، ثم جاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحرب الإرهاب. تم بث برنامج "ترامب" "المتدرب" في عام 2004. كان شائعًا، ولكنه لم يدفع المحادثة. كانت هناك حرب حقيقية تدور رحاها، وكان الرجال والنساء الذين يخدمون في وأفغانستان يمثلون نوعًا من البطولة التي تتفوق على ذكورة مالك الكازينو البراقة.

لكن بعد ذلك جاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عصر الغضب. في 15 مايو 2011، اندلعت احتجاجات في الشوارع في إسبانيا بقيادة أشخاص أطلقوا على أنفسهم اسم "إنديجنادوس"- الغاضبون. كان شعارهم "إنهم لا يمثلوننا!". كان المحتجون يشعرون بالاشمئزاز من الطبقة الحاكمة في بلادهم. وقبل مرور وقت طويل، اجتاحت موجة من الاضطرابات الأخلاقية العالم الغربي وأمريكا اللاتينية. وطالبت الجماعات من اليمين (الطبقة العاملة الريفية البيضاء) واليسار (حركة حياة السود مهمة) التي همشتها المؤسسة، بالحصول على سلطة وتمثيل جديدين. كان الاشمئزاز من السلطة القائمة مرتفعًا، وانخفضت الثقة الاجتماعية.

"ترامب" كان مثاليًّا لهذه اللحظة، محتَقَرًا من قِبَل نخبة مانهاتن، راكم استياء مدى الحياة، مناهضًا للمؤسسة، يتوافق مع الاحتقار السائد للطبقة العاملة. وبدأ استيلاءً عدائيًّا على الحزب الجمهوري ثم الحكومة الفيدرالية. الكلمة الرئيسية في تلك الجملة هي "العدائية". كانت العدائية رائجة، على اليسار واليمين.

ثم في عام 2018، أصدرت مجموعة "أكثر في كومون" استطلاعًا للرأي العام تم فيه نشر عبارة "الأغلبية المستنفدة". كان الكثير من الناس متعبين من المرارة، والدراما النفسية المستمرة لـ"ترامب" وحرب الثقافة. كان هناك رغبة شديدة في ترك كل ذلك وراءهم. وفي انتخابات متقاربة نسبيًّا، حقق جو الفوز متعهدًا باللياقة والطبيعية.

قوى الغضب والاستنفاد

ما تبع ذلك كان صراعًا بين ما يمكن تسميته بقوى الغضب وقوى الاستنفاد. لا يزال ترامب يسيطر على الحزب الجمهوري لأن شعبه ما زال يريد شخصًا يمكنه أن يهاجم الطبقة الحاكمة ومراكز قوتها بمطرقة ثقيلة. قبل أسبوعين، كتبت عمودًا حاولت فيه وصف نقاط القوة الأساسية للشعبوية الأمريكية- العداء السائد تجاه الطبقة المتعلمة، وعدم الثقة في المؤسسات. ولكن هناك أيضًا عدد متزايد من الأشخاص الذين سئموا العيش في جو من القبلية والعداء والصراع؛ حتى في المعسكر الجمهوري.

استمتعت "هاريس" بطفرة في استطلاعات الرأي عندما أصبحت المرشحة -جزئيًّا- لأنها أظهرت نغمة عاطفية جديدة هي سياسة الفرح، كما ظل الديمقراطيون يقولون خلال مؤتمرهم. وخلال مناظرة الثلاثاء، حوّلت تلك النقلات العاطفية إلى أسلوب في الحملات الانتخابية والحكم، وخلال المناظرة، اعتقدت أن "هاريس" قامت بعمل سيئ في توضيح رؤيتها للسنوات الأربع القادمة؛ لكنها قامت بعمل رائع في دحض القيم الثقافية التي يجسدها "ترامب".

كررت "هاريس" مقولتها عن التغيير: حان الوقت لطي الصفحة والمضي قدمًا. هذا الصراخ ليس مقنعًا لأسباب سياسية؛ أجندتها هي نسخة مصغرة من أجندة "بايدن" غير المكتملة، لكن "هاريس" كانت مقنعة للغاية عندما صورت نفسها كعميل للتغيير الثقافي.. إن توازنها المبتسم هو بيان للقوة الواثقة ضد تذمر "ترامب" المرير.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا