أشاد سفير سلوفينيا بالقاهرة ساشو بودلسنيك، بدور مصر في استقرار المنطقة والتزامها بجهود السلام في القضية الفلسطينية بشكل عام، فضلاً عن جهود الوساطة المستمرة التي تبذلها في الصراع الحالي في قطاع غزة بشكل خاص.. معربا عن أمله أن تؤتي الجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع شركاء آخرين ثمارها قريباً، وأن تؤدي إلى وقف إطلاق النار، ووضع حد لعمليات قتل المدنيين، وتوفير الإغاثة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، فضلاً عن إطلاق سراح الرهائن.

وقال السفير السلوفيني في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الاثنين، إن الحوار السياسي مع مصر تكثف على أعلى المستويات في الآونة الأخيرة، حيث زارت وزيرة الخارجية والشؤون الأوروبية السلوفينية تانيا فايون مصر في نوفمبر ومايو الماضيين، مؤكدا وجود مواقف متشابهة بشأن معظم الموضوعات في العلاقات الدولية.

وأعرب عن تقديره للتبادل المنتظم لوجهات النظر مع مصر فيما يتصل بالتطورات الإقليمية والعالمية، خاصة فيما يخص الوضع في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن العلاقات بين سلوفينيا ومصر قوية وودية للغاية وتمتد لأكثر من 32 عاما من العلاقات الدبلوماسية الرسمية..معبرا عن ثقته في استمرار الحوار والاتصالات بين الجانبين.

وأكد بودلسنيك، أن مصر تعد الشريك التجاري الأهم لسلوفينيا في إفريقيا.. وقد بحث وزيرا خارجية كلا البلدين خلال الدورة الثانية للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي في فبراير الماضي في سلوفينيا سبلا جديدة لدعم التعاون الثنائي في التجارة والطاقة المتجددة وإدارة المياه والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وكذلك في الثقافة والاتصالات بين الشعوب، موضحا أن التجارة الثنائية بين البلدين شهدت ارتفاعا في الستة أشهر الأولى من عام 2024، حيث بلغت الصادرات المصرية لسلوفينيا نحو 169 مليون يورو، بينما استوردت مصر من سلوفينيا قيمة 47 مليون يورو.. مُتوقعا أن تتجاوز التجارة الثنائية 400 مليون يورو بحلول نهاية هذا العام.

وأضاف أن سلوفينيا تستورد من مصر الوقود المعدني والزيوت والفواكه والمكسرات والخضروات والبلاستيك، بينما تُصدر لمصر الأدوية والآلات والمنتجات الورقية، مؤكدا أن هناك مجالا كبيرا لتحسين التجارة الثنائية، وأشار إلى أن التعاون في مجال السياحة مازال متواضعا، ولكن بالتأكيد مصر تعد واحدة من الوجهات الأكثر شعبية بين السائحين السلوفينيين.

ونوه سفير سلوفينيا بالقاهرة بأن ميناء "كوبر" في سلوفينيا - والذي يقع في شمال البحر الأدرياتيكي - يعتبر نقطة دخول مهمة للفواكه والخضروات المصرية، ومدخلا لتجارة مصر مع وسط وشرق أوروبا بشكل عام.. مؤكدا وجود إمكانية لتوسيع التعاون بشكل أكبر..وتعتزم السفارة تنظيم حدث ترويجي عن ميناء "كوبر" الشهر المقبل بالقاهرة.

وعن القضية الفلسطينية، أكد بودلسنيك أن اعتراف سلوفينيا مؤخراً بدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، هو شهادة على دعم حق الشعب الفلسطيني المشروع في تقرير المصير والتزام بالحل الوحيد الممكن المتمثل في وجود دولتين، حيث يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام وأمن..مشيرا إلى أن هناك مكتبا تمثيليا لسلوفينيا في (رام الله) ونتطلع لتعزيز العلاقات الثنائية مع الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن سلوفينيا كانت صريحة في التعبير عن قلقها إزاء المعاناة المروعة التي يعيشها المدنيون في قطاع غزة، وشاركت بنشاط في جهود المجتمع الدولي الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق نار دائم وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن إطلاق سراح الرهائن.

ولفت إلى أن بلاده زادت منذ اندلاع الصراع بشكل كبير، دعمها للسكان المدنيين الفلسطينيين في غزة، وقدمت مساعدات مالية تقدر بـ 5 ملايين يورو، وذلك من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) وبرنامج الأغذية العالمي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، فضلا عن ما يقرب من 800 ألف يورو من المساعدات الإنسانية العينية..وتخطط للمشاركة بنشاط في تطوير البرامج التعليمية؛ لمنح أكثر من 600 ألف طفل فلسطيني أملاً جديداً في مستقبل أفضل.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء سلوفينيا الدكتور روبرت جولوب شارك في يونيو الماضي بالمؤتمر الدولي الذي عقد في (البحر الميت) بالأردن تحت عنوان "دعوة إلى العمل: استجابة إنسانية عاجلة لغزة" والذي نظمته الأردن ومصر والأمم المتحدة.

وعن محكمة العدل الدولية، قال بودلسنيك "إن احترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني يعد إحدى ركائز السياسة الخارجية لسلوفينيا، ولهذا شاركت في الإجراءات أمام محكمة العدل الدولية في (لاهاي) بناءً على طلب الرأي الاستشاري بشأن العواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، والذي بدأته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2022.

وأكد ترحيب بلاده بالرأي الاستشاري للمحكمة، الذي أعلن أن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر انتهاكا لبعض من أبسط قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وأن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني.. كما رحبت سلوفينيا بالأوامر التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، والتي أشارت إلى التدابير المؤقتة، بما في ذلك أن تمتنع إسرائيل عن ارتكاب جميع الأفعال التي تندرج في إطار اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية والقتل للمدنيين في غزة، ووقف هجومها العسكري في محافظة (رفح) وضمان اتخاذ تدابير فعالة؛ لتمكين تقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها السكان المدنيون بشكل عاجل.

وعن رئاسة مجلس الأمن، عبر السفير السلوفيني عن فخره بتولي بلاده العضوية غير الدائمة في المجلس الدولي خلال الفترة من عام 2024 إلى عام 2025، والتي تعكس التزامنا ببناء الثقة وتأمين مستقبل أفضل ويرتكز العمل على منع الصراعات وحماية السكان في النزاعات المسلحة والمرأة والسلام والأمن والسلام والأمن المناخي.

وأكد بودلسنيك مواصلة سلوفينيا العمل بطريقة متماسكة وموحدة؛ لتعزيز القيم الخالدة للأمم المتحدة، والسعي إلى الالتزام بشكل أكثر اتساقًا بميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك الدعوة بصوت عالٍ إلى احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، معربا عن عزم بلاده التعامل مع جميع الأزمات بنفس المسؤولية ومن دون معايير مزدوجة، وهو ما ينطبق أيضًا على الوضع الرهيب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن الرئاسة السلوفينية لمجلس الأمن ستشهد في 25 سبتمبر الجاري، المناقشة المفتوحة رفيعة المستوى لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول القيادة من أجل السلام، والتي سيترأسها رئيس الوزراء الدكتور جولوب.

وأردف أن وزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فايون ستترأس في 18 سبتمبر الجاري، المناقشة حول أفغانستان، مع التركيز بشكل خاص على تعليم النساء والفتيات، وستترأس في 19 سبتمبر، الدورة العادية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن تنفيذ القرار 2334 بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية..مشيرا إلى حرص سلوفينيا التركيز على مناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك إعادة إعمار قطاع غزة.

ونوه بأن سلوفينيا ستستضيف في 26 سبتمبر الاجتماع السنوي المغلق لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع جامعة الدول العربية، والذي سيناقش التعاون الثنائي والبحث عن حل للسلام في الشرق الأوسط، موضحا أن مجلس الأمن سيناقش خلال هذا الشهر الأوضاع في كل من غزة وسوريا والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومستقبل حفظ السلام والوضع في أوكرانيا.