هذه المراجعة خالية من الحرق لفيلم Deadpool & Wolverine، والذي يُعرض حالياً في دور السينما.

بعد طول انتظار، والكثير من العروض الترويجية والمقابلات والحماس والترقب والآمال بمشاهدة فيلم بمستوى أفلام عالم مارفل السينمائي بمراحله المبكرة، صدر وأخيراً فيلم Deadpool & Wolverine. والسؤال الذي يريد أن يعرفه أي شخص دخل ليقرأ هذه المراجعة: هل ارتقى الفيلم إلى مستوى التوقعات؟ حسناً... تصعب الإجابة على هذا السؤال بنعم أو لا بسيطة.

هناك عدة عوامل يجب النظر إليها في هذا الفيلم بالذات، حيث أن التوقعات المرتفعة أكثر من اللازم قد تسبب ببعض من خيبة الأمل عندما لا يتحقق كل ما يأمله المرء. لكن من يذهب لمشاهدة الفيلم ليحظى بوقت ممتع والكوميديا الرائعة التي تمتاز بها أفلام ديدبول، وضيوف الشرف المليئين بالمفاجآت غير المتوقعة، فسيمضي وقتاً رائعاً للغاية.

يحمل الفيلم الكثير من الآمال على عاتقه، فمن ناحية هو يحمل إرث الإكس مين القديم الذي يمتلك بالفعل قاعدة جماهيرية كبيرة للغاية، ويحاول نقله إلى عالم جديد كلياً. إنه بمثابة رسالة وداع، وفي نفس الوقت تمهيد طريق لتقديم المتحولين إلى عالم ضخم بالفعل لديه قاعدة معجبين كبيرة بحد ذاته. يسير هذا الفيلم على خط رفيع للغاية يجعله معرض للفشل إن مال بأي من الاتجاهين. ولحسن الحظ ينجح الفيلم من هذه الناحية بالارتقاء إلى التوقعات. حيث يتمكن Deadpool & Wolverine من الحفاظ على إرث الإكس مين بشكل عام ولوغان بشكل خاص من دون أن يمسه، بل وأنه يلقي من خلال وعيه الذاتي الذي تشتهر به السلسلة بتحية إجلال واحترام ومحبة صادقة لتلك الشخصيات المحبوبة، بل ويشدد عن مدى أهمية التضحية التي قام بها لوغان في آخر أفلامه بطريقة تؤثر فيها حتى على جوهر القصة.

وفي نفس الوقت يشرح لنا بطريقة ديدبول الكوميدية المعتادة التي يخاطب بها الجمهور كيف اشترت شركة ديزني شركة فوكس واستحوذت على كل هذه الشخصيات لتنقلها إلى عالم مارفل السينمائي لشرح سبب كل التناقضات التي قد تظهر ولا تكون منطقية بأسلوب مضحك رائع (رأينا جميعنا العروض الترويجية التي تستعرض شعار شركة فوكس مدفوناً بالتراب) فيستغل حبكة الأكوان المتعددة لدمج هذه العوالم بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.

لكن أحد أهم العوامل التي يجب النظر إليها هو: هل نجح بتقديم الشريرة الجديدة الشهيرة من القصص المصورة كساندرا نوفا؟ للأسف الإجابة هي: ليس بالمستوى المطلوب. تشتهر كساندرا نوفا بأنها شريرة قوية جداً بالقصص المصورة، فهي توأم تشارلز إكزافيير الشريرة التي سرقت قواه من الرحم لكن تم رميها على الفور بعيداً (لن نحرق عليكم تفاصيل من الفيلم). لكن للأسف لا تصل بالفيلم إلى نفس مستوى القوة والترهيب كما كان حالها بالقصص المصورة، بالرغم من أن الفيلم يحاول (لكن بشكل سريع ومقتضب جداً) أن يُظهرها بأنها شخصية شريرة ودكتاتورية ترعب جميع من يعيش في منطقتها، لكنها في الحقيقة لا تعطي هذا الشعور أبداً، بل أنها تبدو ضعيفة ولا تشكل الكثير من التهديد لبطلينا المفضلين، مما قد يُشعر العديد من المعجبين المخضرمين بخيبة أمل.

عامل آخر هو القصة: هل قدم لنا الفيلم قصة آسرة وقوية تجذب المشاهدين؟ قد تختلف الآراء هنا، لكن أفضل وصف يمكنني قوله هو أنها تبدو سريعة الأحداث جداً، يمكنني أن أسرد القصة خلال 5 دقائق فقط بالرغم من تعقيدها. إلا أنها في نهاية المطاف رحلة طريق كما وصف رايان رينولدز والمخرج شون ليفي الفيلم من قبل. لكن كما يقال: الحياة بمثابة رحلة، والهدف ليس الوصول إلى النهاية بل الاستمتاع بكل خطوة على الطريق. ويا لها من رحلة طريق رائعة، تأخذنا في مغامرة مضحكة ومسلية جداً مليئة بالمفاجآت وضيوف الشرف غير المتوقعين على الإطلاق. وتقدم القصة عمقاً يكمن في رسالتها التي تتجاوز مجرد الترفيه، إنها قصة عن الصداقة، وتحتفي بعالم القصص المصورة... وفي نفس الوقت رسالة حب سواء لعالم إكس مين، أو الصداقة بين ديدبول وولفرين. كما أنها تتمحور حول الخلاص والتضحية، وأننا مهما أخطأنا في الماضي لا يجب أن نستسلم، يمكننا دائماً أن نتغير، والأوان لا يفوت على ذلك أبداً.

قد تكون هناك بعض السلبيات بالفيلم التي ذكرناها قبل قليل، لكن لحسن الحظ كانت الجوانب الإيجابية أقوى بكثير لتجعله فيلماً يستحق المشاهدة بكل تأكيد. إن الانسجام والتفاعل بين رايان رينولدز وهيو جاكمان بدوري ديدبول وولفرين على التوالي يستحق بحد ذاته الذهاب إلى السينما لمشاهدة الفيلم، ولو كان لي أن أقيّم الفيلم فقط على أدائهما وشخصيتيهما فإنهما يستحقان تقييم 10/10. خاصة بالنسبة لمن يتابعهما على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث أن هذين الصديقين اللذين تمتد صداقتهما إلى عشرات السنين دائماً ما يتفاعلان بطرق مضحكة للغاية ويجعلان المشاهدين يتوقون لرؤيتهما سوية في فيلم من بطولتهما. وقد حقق لنا Deadpool & Wolverine هذه الأمنية. وتمتد صداقتهما وحس الفكاهة بينهما إلى الفيلم نفسه، فنجد أنفسنا نضحك بلا توقف على مدار الفيلم.

شعرت أني لا أريد أن ينتهي الفيلم لشدة ما استمتعت به. يستحق أداء هيو جاكمان بحد ذاته الكثير من الإشادة، فهو يقدم لنا نسخاً مختلفة جداً من وولفرين يتمتع كل منهم بشخصية مختلفة، وإن كنا لا نراهم سوى للحظات قليلة، ثم يقدم شخصية لوغان الأساسية بالفيلم بشكل رائع، بأسلوب يذكرنا بولفرين من أفلام أكس مين مع كل السوداوية والحزن التي تميز بها لوغان القديم، لكن أضف إلى ذلك إحساسه بالذنب الذي يحمله لأنه خذل عالمه فنشعر بالألم والحزن معه، هناك مشهد مؤثر جداً على وجه التحديد حول نار مخيم يتحدث فيه لوغان عن أخطائه وندمه، لن أتعمق بأية تفاصيل تفادياً للحرق، لكن جاكمان يبدع ويتألق في كل لحظة نراه فيها على الشاشة بأداء يستحق عليه الجوائز.

ومن ناحية أخرى، يقدم رايان رينولدز شخصية ديدبول ذو اللسان السليط بنفس الروعة التي اعتدناها، مع أداء كوميدي مضحك للغاية وحس فكاهة في مكانه، هناك مشهد يرقص فيه على أنغام أغنية Bye Bye Bye لفرقة NSync والذي كان مضحكاً جداً رغم دمويته، والذي جعلني أشعر برغبة كبيرة بالرقص أثناء المشاهدة، وهذا مثال واحد فقط. إن رينولدز عبقري بالكوميديا والآكشن، وأقول بكل تحيز أنه أحد الممثلين المفضلين لدي على الإطلاق، وهو يبدع بهذا الفيلم سواء من حيث الأداء أو حتى التأليف (هو أحد مؤلفي ومنتجي الفيلم). لكن يجدر التنويه أن هناك العديد من النكات التي قد لا يفهمها الجميع إن لم يكونوا متابعين لكل ما يجري على الساحة، لذا أشدد أن الفيلم موجه بشكل أكبر لقاعدة جماهيرية واسعة من عشاق أكس مين وعالم مارفل السينمائي والقصص المصورة، وبالتالي قد لا يترك نفس التأثير الرائع لدى الأشخاص الذين ليسوا على اطلاع تماماً حول ما يجري.

هناك أيضاً الكثير من شخصيات ديدبول المختلفة كما كان الحال مع وولفرين، بداية من ليدي بول إلى دوغ بول ووصولاً إلى كاوبوي بول والمزيد، وهناك مشهد رائع ممتد بلقطة واحدة لشخصيات ديدبول كان دموياً ومليئاً بالآكشن بقدر ما كان مضحكاً ومرحاً، وبالرغم من أنه لا يوجد سبب مباشر لحدوثه (ربما فقط من أجل أن نرى الكثير من شخصيات ديدبول المختلفة من القصص المصورة) إلا أنه كان مضحكاً ورائعاً للغاية، وينطلق على ألحان أغنية Like a Prayer لمادونا بالخلفية.

وبالحديث عن الأغاني، كان الفيلم موفقاً للغاية باختيار الأغاني الرائعة النابضة بالحياة والمليئة بالإيقاعات الحماسية والتي تم انتقاؤها بعناية شديدة لتناسب ما يحدث على الشاشة. هناك ما مجموعه 18 أغنية نسمعها في الفيلم والتي تضفي الكثير من الحيوية الرائعة، بداية من Only You (And You Alone) من The Platters ووصولاً إلى I'm With You لأفريل لافين. لقد جمعت بالفعل قائمة الأغاني بألبوم خاص للاستماع إليها لاحقاً.

ومن ناحية أخرى، يركز الفيلم بشكل أكبر على مخاطبة الجمهور مما اعتدنا بالفيلمين السابقين، ربما من أجل توضيح الكثير من الأمور التي قد لا يعرفها العديد من المشاهدين غير المتابعين لما يجري في القطاع، ومن ناحية أخرى لم يخفف مستوى الدموية على الإطلاق، بل أن هناك بعض المشاهد المقززة للغاية بشكل لم أتوقعه من فيلم من ديزني بالرغم من أن الفيلم بتصنيف +18 للبالغين. ومن ناحية أخرى ولحسن الحظ فقد تخلى الفيلم عن مشاهد العلاقات الغرامية باستثناء لمحات سريعة جداً لدرجة قد يفوتها الكثيرون، مما ساعده في الحصول على الموافقات بعرضه في المنطقة لحسن الحظ.

نصل الآن إلى ضيوف الشرف. كنت أتوقع (أو أرغب ربما) برؤية أكثر مما ظهر بكثير، لكن الشخصيات التي ظهرت كانت رائعة للغاية... للغاية! هناك الكثير من الشخصيات غير المتوقعة على الإطلاق! وهناك شخصية على وجه التحديد التي تم تقديمها بطريقة رائعة جداً جعلتني أقوم بالتهليل مرتين من هول المفاجأة. أنا سعيدة أنه لم يتم تسريب الشخصيات حتى الآن لأن الأشخاص المحظوظين الذين سيذهبون إلى السينما الآن قبل أن يبدأ الحرق بالانتشار سيفرحون للغاية بضيوف الشرف الذين يقدمهم الفيلم. وهم يمتدون على تاريخ مارفل الطويل، لشخصيات ظهرت بالتصوير الواقعي أو حتى لم تتح لها فرصة الظهور. وهذا الجانب وحده يجعل Deadpool & Wolverine رحلة تستحق الذهاب إلى السينما لمشاهدته!

لا يمكن أن أنهي المراجعة قبل أن أتحدث أيضاً عن سلطة التباين الزمني وخاصة العميل بارادوكس! يقدم الممثل الأسطوري ماثيو ماكفادين أداءً رائعاً بدور العميل بارادوكس، ومن دون أن أفصح عن أي شيء، يمكنني القول أنه في أي وقت يظهر فيه على الشاشة يتمكن من خطف الأضواء، مع مواقف مضحكة وأداء مبالغ به في بعض الأحيان بطريقة تناسب تماماً أجواء فيلم من ديدبول، أريد المزيد من العميل بارادوكس في المشاريع المستقبلية أرجوكم يا مارفل! كما أن الفيلم يلقي بعض الضوء على ما حدث في سلطة التباين الزمني بعد نهاية مسلسل Loki، وكيفية سير الأمور، مما يعطيه المزيد من الثقل خاصة لعشاق المسلسل وأجوائه الفريدة.

والآن نصل إلى الجواب على سؤالنا من بداية المراجعة: هل ارتقى الفيلم إلى مستوى التوقعات؟ إن كنتم ستذهبون لمشاهدة الفيلم فقط لأنكم تتوقعون أنه سينقذ عالم مارفل السينمائي بعد سنوات من المشاريع الضعيفة مع توقعات مرتفعة جداً، فقد تصيبكم القصة أو الشريرة ببعض من خيبة الأمل، لكن الكوميديا الرائعة التي تشتهر بها أفلام ديدبول، وضيوف الشرف المليئين بالمفاجآت غير المتوقعة على الإطلاق، والموسيقى التصويرية، والروابط مع المسلسلات والأفلام والعوالم المختلفة، والأهم من كل ذلك: الديناميكية الرائعة بين هيو جاكمان ورايان رينولدز، تجعله يستحق كل ثانية! ما الذي تنتظرونه؟ عليكم مشاهدة الفيلم بأسرع وقت ممكن!